أشار عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية الدكتور بريك أبو مايلة
إلى أن «وثيقة المدينة» التي كتبها النبي صلى الله عليه وسلم إبان قدومه للمدينة المنورة تعد مصدر
إلهام لحل مشكلات العالم السياسية والاجتماعية المستعصية كونها تعد من الأسس الرئيسية لكيفية
التعامل و التوافق و التكامل بين أتباع الديانات المختلفة , ونوّه أبو مايلة وهو يستعرض ورقته التي ألقاها
أول من أمس بصالون نادي المدينة الأدبي بعنوان « وثيقة المدينة النبوية .. مفخرة الحضارة الإسلامية »
بأن الوثيقة شكلت أول دستور في تاريخ البشرية و أرست حقوق الإنسان و اعترفت بالأقلياتداخل المجتمعات
بمختلف أطيافهم وأعراقهم من خلال معاهدات وفاق أقرها سكان المدينة بمختلف أعراقهم واعتبرها مستشرقون
و مهتمون بدراسة التاريخ و السير « أول دستور اجتماعي يحفظ حقوق المواطنة في الدولة المدنية و أحد مفاخر
الحضارة الإسلامية ». و عن دواعي كتابة الوثيقة ، قال أبو مايلة : إن الوحدة السياسية لم تكن متحقّقة في
المدينة في تلك الحقبة و ذلك لوجود نزاع مستمر و حروب بين القبائل الموجودة فيها كقبيلتي الأوس و الخزرج
العربيتين و كذلك القبائل اليهودية و هي من أسباب تقديم النبي صلى الله عليه وسلملكتابة « وثيقة المدينة »
و الذي يعد من أوائل أعماله في المدينة .
و نقل أبو مايلة عن أحد المستشرقين قوله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نجَح في إرساء وحدة سياسية
عجيبة في ذلك الجو المضطرب في المدينة بين هذه القبائل التي كانت في حاجة ماسّة إلى وحدة سياسية
و كانت هذه الوحدة السياسية أمرًا جديدًا وغريبًا لم يألَفه العرب . و أنكر أبو مايلة ما ذهب إليه بعض الباحثين
و المؤرخين من أن الوثيقة مزورة وغير صحيحة أو لحقتها الزيادة والنقصان ، وقال: الحقيقة التي يجب أن يعرفها
الجميع أن « وثيقة المدينة » كانت عبارة عن وثيقتين و جمعت في وثيقة واحدة ، و احتفظ بكامل بنودها التي
وضعها النبي صلى الله عليه وسلم و هي التي بين أيدينا اليوم ، مشيرًا إلى أنها وصلت إلينا من ثقات عدول
بالتواتر وهو الأمر الوحيد الذي طرأ عليها , ورد على المشككين بصحتها بالقول : هناك مستندات شرعية تؤيد
تلك الوثيقة منها ما ورد بالكتب الصحاح (البخاري ومسلم والنسائي) ، مؤكدًا أن المراجع لنصوص الوثيقة يجد
تشابهًا كبيرًا في بنودها و طرق معالجة النبي صلى الله عليه و سلم في حل القضايا الإجتماعية بين أصحابه
بما يؤكد ولا يدع مجالا للشك أنها صادرة عنه عليه الصلاة و السلام .
http://www.al-madina.com/node/406243