حمل المذيع عدنان صعيدي الحصانة الوظيفية لدى بعض المسؤولين في الإدارات الخدمية كالبلديات مسؤولية إحباط أول نجاح إذاعي بإيقاف برنامج “أبشر” عام 1397هـ نظرا لحساسيتهم المفرطة –آنذاك– تجاه النقد أو إبداء الملاحظات، جاء ذلك خلال محاضرته “تجارب إذاعية ناجحة ” التي ألقاها في نادي المدينة المنورة الأدبي وقدم لها الإذاعي عبدالرحمن الرويس، وشهدت مغادرة عدد محدود من الحضور للقاعة بعد بث فواصل غنائية وموسيقية برر المحاضر بلباقة أهميتها بقوله: “أنا لا أضع المقدمات لأسمعكم شيئا من الموسيقي بل لأنها كانت متعبة وهي عنوان البرنامج..”.

وعد “صعيدي” الإذاعة مظلومة مهضومة الحقوق لا تعار اهتماما من المثقفين أو وزارة الثقافة والإعلام حتى أنه في المؤتمر الأول للمثقفين لم يدع مذيع واحد، بينما تشاطر الإذاعة الجهات الإعلامية والثقافية ذات المسؤولية في رسم المشهد الفكري والحضاري، متعجبا من انحسار وتواري الكتابة النقدية التي من شأنها إصلاح العمل الإذاعي رغم أهميته، فلو توقفت الإذاعة لساعات فقط سيسأل الجميع لماذا توقفت؟ واصفا في سياقات أخرى عددا من المؤلفين الإذاعيين البارزين بأنهم غير دقيقين فهم يكتبون من ذاكرتهم فقط!

وحصر المحاضر التجارب الناجحة في الإذاعة السعودية ببرامج البث المباشر مدينا بالفضل للهندسة الإذاعية، وتقنية الاتصالات المتسارعة التي تعد المحفز الحقيقي للنجاح، لافتا إلى هذا التطور: “لم نعد نعتمد اليوم على الأجهزة التقليدية (عربة مجهزة بمرسلة للنقل) بل تم الاستعانة بتطبيقات الهواتف الذكية في البث”، ومقارنا بين البرامج: “المسجل أكثر جودة من حيث اللغة والمضمون والأداء والإخراج، وبرامج البث المباشر تحدث بها أخطاء كبيرة لكن آنيتها وتفاعل المستمع معها واختصارها للوقت والجهد من إيجابياتها”، مؤكدا أنه لا يوجد في الإذاعة السعودية حتى اليوم جهاز تأخير الاتصال لمدة ثوان تحسبا لخروج أحد المتصلين عن المألوف لأن الغالبية على قدر المسؤولية.

وقال: أي عمل ناجح يتم التخطيط له قبل وقت كاف وإذا كان هناك منتج ملموس فإنه يخضع لتجارب عدة في نطاق محدود تبنى عليها الصلاحية والفائدة وكذلك العمل الإعلامي رغم خصوصيته من الجانب المهني وأهمية آثاره التي تفوق إنتاج الدواء وصناعة الأسلحة، وتجارب البث المباشر يصدف كثيرا أن تكون هي التجربة الشائعة بعكس الأعمال الأخرى التي تكون تجاربها محدودة في نطاق غير مشاع.

وتحدث عن برنامج “أبشر” مشيرا إلى أن إذاعتي الرياض وجدة تقاسمتا إنتاجه وهو أول برنامج بث مباشر في الإذاعة السعودية حسب ما دونه الإعلامي بدر كريم في مؤلفه، قائلا: هذا غير دقيق لأنه لم يكن بثا مباشرا بنسبة 100%، فالمقدم كان على الهواء ولكن المداخلات والاتصالات الهاتفية مسجلة وخاضعة للمونتاج ومع ذلك لم يستمر لأكثر من دورة إذاعية واحدة بسبب عدم قبول بعض الوزارات والإدارات الحكومية للطرح الذي يقدم في البرنامج ويكشف تقصير تلك الجهات في تقديم خدماتها للمواطن بالصورة المطلوبة، أما جماهيريا فإن التجربة لم تحقق النجاح المأمول في تلبية مطالب المستمع الذي كان يحاور المسؤول عبر الهاتف مبديا له تذمره من سوء الخدمات، لافتا إلى أنه في تلك الفترة يعد شكوى رئيس بلدية موجبة للإيقاف فالمسؤول في تلك الفترة لا يتقبل النقد أو الملاحظات!