القيسي يؤكد أسبقية الأندلسيين في كتابة رسائل الوجد الدينية
أثارت ورقة عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية الدكتور فايز القيسي »خطاب المقام النبوي والروضة الشريفة عند لسان الدين الخطيب«، جملة من التحفظات افتتحها معبر النهاري، مطالبا القيسي بتحكيم المنهج الإسلامي على تلك الخطابات التي كان يرسلها المغاربة للأماكن المقدسة، ويخاطبون فيها النبي صلى الله عليه وسلم.
وأكد النهاري أن فيها جهلا، متسائلا: كيف وصل العرب لهذا المستوى؟ وأضاف الدكتور حمزة حافظ: هل نستطيع أن نجد للسان الدين الخطيب تأويلا أو تفسيرا لظاهرة الاتجاه إلى نصرة النبي، وهل أراد بذلك أن يستدعي أبناء الإسلام الذين آمنوا بالنبي، مؤكدا أنه لا يتهم أحدا بعقائده.
وأشار الدكتور شكري سمارة إلى أن تلك الرسائل تحمل نفسا لا يقيم وزنا للعمل، مؤكدا أن سقوط الأندلس كان واقعيا حين كانوا منقسمين إلى 22 طائفة فيما يعرف بملوك الطوائف.
ورد القيسي بأن الأندلسيين لم يتوقفوا عن سياسة الجهاد التي كانت جزءا من سياسة الدولة، والانقسام كان في القرن الخامس، وهو يتحدث عن الثامن.
وأكد القيسي في مستهل محاضرته التي أدارها أسامة السرميني أن »رسائل الوجد والشوق الديني إلى زيارة الأماكن المقدسة، وإرسالها مع الحجيج والزائرين، من الظواهر الأدبية الدينية التي كان للأندلسيين فضل السبق على المشارقة في اختراعها، في القرن الخامس الهجري«.
وأوضح أن الكتاب الأندلسيين ساروا بعد ذلك على هذا النهج، وأضحت هذه الرسائل تقليدا شائعا حتى نهاية الوجود العربي الإسلامي في الأندلس، وأضاف »هي رسائل في معظمها تصور نفسية أولئك الكتاب الذين لم تسعفهم الظروف في زيارة الأماكن المقدسة، وتصف ما كانوا يكابدونه من شوق لتحقيق تلك الأمنية«.
النشأة والتطور
واعتبر القيسي الوزير الكاتب أبا القاسم محمد بن الجَدِّ الإشبيلي (ت515هـ/1121م)، أول من فتح الباب في الكتابة بهذا اللون من أدب الرسائل، حيث كتب رسالة على لسان رجل صدر عن بيت الله الحرام، وكشف فيها عن حبه الشديد، ووجده العظيم لزيارة المسجد النبوي.وأشار القيسي إلى ما سجله بعض الراحلين الأندلسيين إلى المشرق، منهم عثمان الأنصاري الذي حج سنة 531هـ وكتب أنه كاد يغرق في ركوبه البحر.في حدود سنة 563هـ، في عودته بعد أن أدى فريضة الحج، «واستشهد كل من كان معه بالمركب الذي كان فيه، وتعلق هو بعود من أعواده حتى قيض الله له من التقطه».
أسباب ظاهرة الوجد
تكاثرت في الأندلس منذ عصر ملوك الطوائف، الذي انفرط فيه عقد الخلافة.
انقسمت الأندلس إلى دويلات متعددة، وضعفت القوى الإسلامية، واشتدت حركة النصرانية.
عجز عدد كبير من الأدباء الأندلسيين عن تأدية مناسك الحج، وزيارة المدينة المنورة، بسبب بعد المسافة.
المصاعب التي كانت تكتنف رحلة الحج وزيارة الأماكن المقدسة.
انشغال المسلمين بالصراع مع الإسبان وخاصة منذ مطلع القرن الخامس.