السريحي يشكك في ريادة الأنصاري الأدبية
فتح الدكتور سعيد السريحي بابا واسعا للجدل بتشكيكه في وجود كتاب «أول أثر ظهر» للراحل الأديب عبدالقدوس الأنصاري، مؤكدا أن الإشارة الوحيدة حوله جاءت في كلمة صديقه أحمد ياسين الخياري، في رده على رسالة للأنصاري بعثها الأخير إليه يعلمه بعزمه على إصدار مجلة المنهل، مثيرا حولها عددا من علامات الاستفهام في إشارة لاحتمالية أن يكون الأنصاري هو كاتبها، حيث كان الخياري يعاني ظروفا صحية سيئة.
المحافظة والريبة
وسعى السريحي الذي كان يتحدث أمس الأول بمحاضرة بنادي المدينة المنورة الأدبي عن أول أثر لم يظهر، أسئلة حول نشأة الأدب الحديث في المدينة المنورة، وأدارها الدكتور ماهر الرحيلي، إلى تبديد ما ذهب إليه أديب المدينة الراحل في أكثر من موضع، مؤكدا أن مقدمته لرواية «التوأمان» تنم عن اتجاه شديد المحافظة والريبة في اتجاهات التجديد بعكس ما يشاع عن وقوفه وصديقه عبيد مدني وراء البذور الأولى للحركة الأدبية الحديثة، لافتا إلى أن هناك اختلافا بين ما رواه الأنصاري نفسه في كتابه أدبنا الحديث، كيف نشأ وكيف تطور من حديث عن نشأته التي كان حريصا خلالها على مطالعة كتب الأدب الحديث وما كان يرافق هذا الحرص من حذر أن يلحظ عليه أحد من المحافظين ذلك.
عدم رضا
وكان ذكر الأنصاري لكتاب «أول أثر ظهر» بحسب السريحي قد ورد في حديثه ليلة تكريمه في اثنينية عبدالمقصود خوجة في 22 محرم 1403، حين قال: وقد اجتمعنا ـ نحو عشرين شخصاـ من هواة الأدب وقدمت لهم استفتاء يعتبر الأول من نوعه في تاريخ الأدب بالمملكة وهو: ماهي الطريقة المثلى التي ترون أنها توصلنا إلى معرفة الأدب الحديث والاستمرار فيه والتأدب به؟ فأجابوني إجابات متعددة ومختلفة جمعتها وأضفت إليها، وتساءل السريحي: عن هؤلاء الأدباء؟ لماذا لا نجد لهم ذكرا إلا صديقه عبيد مدني، مشيرا إلى أنه يرى أن عدم خروج أول أثر ظهر، ربما يعود إلى عدم رضا الأنصاري عن نشره.
نزاع الأولية
وربما يأتي تسجيل كتاب أول أثر ظهر، كما ذهب السريحي في سياق تسجيل الأوليات باعتباره كتابا تأسيسا يحقق لمؤلفه أولية أخرى في مجال التأليف تحققت له في الرواية والعناية بالآثار، والكتابة في الصحف العربية وإصدار مجلة أدبية، وهو ينازع كذلك من خلاله الأولية التي اكتسبها كتاب المعرض الذي سبق لمحمد سرور صبان تأليفه.
من ناحية أخرى طرح السريحي جملة من الملاحظات حول كتاب أدبنا الحديث، كيف نشأ، وكيف تطور، للأنصاري، والذي أصدره أدبي المدينة في 1428، منها: كما قال إنه غريب التكوين، يتكون من نصفين أحدهما أعد للنشر في 1247، وولد الآخر بعده بـ51 عاما أي في 1398، وقد آثر الأنصاري جمعهما في كتاب واحد.
تزوير وافتئات
دفعت تشكيكات السريحي الساخنة، الدكتور عبدالباسط بدر للرد بأنه خرج من المحاضرة بتناقض كبير، حول كتاب هذا الرائد الكبير-على حد وصفه- مشيرا إلى أن عبارات السريحي ترتقي لاتهامه بالتزوير والافتئات بحق من ماتوا، في حين أنه لا يملك حجة عليه، ما يوجب ألا يجعله موطن شبهة.
ولفت بدر إلى أن التنازع حول الريادة من المألوف وهو ما حدث بين السياب ونازك الملائكة، لافتا إلى أنه لو نظر السريحي للمدينة قبل ريادة الأنصاري لوجد كتابات لكل من عبدالقادر شلبي وحمزة غوث سبقت كثيرين من المعاصرين، داعيا المحاضر إلى مزيد من البحث والإنصاف وترك المجال لعثرات الكرام.