شن مدير تعليم المدينة المنورة السابق، الباحث
و المؤرخ الدكتور تنيضب الفايدي ، هجوماً لاذعاً
على المحاضر عبدالله الشنقيطي بعد محاضرته
التي نظمـها صالون الوادي المبارك بالنادي الأدبي
بالمدينـة الأسبوع المنـصرم بعـنوان (شوران ..
حـرة أخفاها البركان) ، حـيث قال الفايـدي في
حـديـث لـ»الشرق » أمس « إن المحاضـر قـلب
موازين المفاهيم فعلاً ، و إن سمح له مستقبلاً
سيكمل بجرأته على قلب تاريخ المدينة » . و فند
الدكتور تنيضب الفايدي ما قاله الشنقيطي في
محاضرته قائلاً : «لم يذكر أي كتاب لتلك المراجع التاريخية أو السير في المحاضرة
و إنما يوهـم بذلك المستـمع أن كلامه صحيح ، و لـم يحـضر أو يظهر أي برهان حول تلك السير و المراجع التاريخية
سوى عبارة مغلوطة مكذوبة على ابن الحسن ، مضيفاً أن الشنقيطي يقرن دائماً الموضوع و تحـديد المكان بأني
وقفت عليه ميدانياً ، مسائلا إياه : هل عندما وقفت على حرة شوران تأكدت من ذلك بوجود كتابة على صخـورها
تنبـؤك بأنها شوران ؟ أو أنـك سمـعت هاتفاً يقول لك بأن هذه حـرة شوران ؟! لافـتاً إلى أن الشنقيطي نقل خـلال
المحاضرة عن قول محمد بن الحسن «إن صدر وادي مهزور شمال المدينة من حرة شوران » ، وبالرجوع إلى أخبار
المدينة لمحمد بن الحسن نجد أن المحاضر قد كذب ، بل بهت على محمد بن الحسن بن زبالة ! حـيث لم يـقله
نهائـياً ، و إنما قال : إن وادي مهـزور يأتي من بني قـريظة ، و روى أيضاً أن صدوره من حـرة شوران و هـو يصب في
أموال بني قريظة ، ثم يأتي المدينة فيشقها ، و روى أيضاً : قضى رسول الله في سيل مهزور الأعلى قبل الأسفل
يسقي الأعلى إلى الكعبين ثم يرسل إلى أسفل منه ، و ذكر أيضاً : أن ما تبقى يصبّ في وادي بطحان مؤكداً أن
ذلك من جمع و توثيق ودراسة الدكتور صلاح بن سلامة .
و طالب الفايدي من الشنقيطي عـدم التحـريف حـسب الهـوى ، مـؤكداً في الـوقت ذاتـه عدم وجود حِرَار في شمال
المدينة إلا طرف الحرة الشمالي الغربي لحرة واقم ، و طرف الشمال الشرقي لحرة الوبرة ، منوهاً بقوله « كيف وصل
الشنقيطي إلى هذه الدرجة من الكذب على محمد بن الحسن ابن زبالة ؟! » .
و حدد مدير تعليم المدينة السابق موقع حرة شوران جنوب شرق المدينة ، و قد تمتد إلى الشرق و وردت بأنها مراعٍ
للإبل، مشيراً إلى أن الزبير روى بسنده وقال: رأى رسول الله إبلاً في السوق فأعجبه سمنها فقال : أين كانت ترعى
هذه ؟ قالوا: بحـرة شوران، قال : بارك الله في شوران . و بين الفايدي بأن موقـع شوران لمن رآها و رأى الإبل فيعـلم
بأنها حسب وصف شوران الذي وصفها محمد بن حسن بن زبالة (الذي كذب عليه المحاضر ولم يقل ما نقله)، مؤكداً
أنه حسب الواقع الميداني فإن الجزء الشرقي لا يصلح لرعاية الإبل لكونها من الصخور التي يصعب سلوكها حتى من
قبل الإبل أو الخيل أو حتى الغنم . و تعجب الفايدي من قول الشنقيطي بأن البركان امتد على طول الحرار متنقلاً من
جبل لآخر بجهة الشمال حتى وصلت مسافة البركان إلى (3) آلاف كيلومتر، حتى وصل قرب بصرى، فشاهدوا سكانها
و هذا الرأي هو الأرجح ، مبيناً بقوله: عجباً … هل كان يحاضر على أطفال؟!, منوها بأن ما ذكره حول البركان الذي ثار
بالمدينة في القرن السابع الهجري قد تغير معالم المدينة الجيولوجية ، فحوَّل مسار طريق الأودية التي قد تمر خلالها
كما شكك في الحديث و أنه لايمكن لأهل بصرى رؤية النار و هو لم يتجاوز طوله (100) متر ، مفنداً ذلك بأنه لا توجد
طرق تجارية أو غيرها تمرّ من تلك الجهة عدا الجهة الشمالية منها وكون المحاضر قال بأنها سدت طرقاً تجارية متعددة
يعتبر كلاماً عاماً قد تجاوز الحقيقة و لايستطيع إثبات أي طريق من تلك الجهات ، أما الحديث الشريف الذي ورد في
الصحيحين « لا تقوم الساعة حتى تظهر نار في الحجاز » فقال الفايدي: «هذا من معجزات الرسول نؤمن بها ونصدقها
مثل حديث تفتت الصخرة أثناء غزوة الخندق حيث اعترضت صخرة الصحابة و هم يحفرون،ضربها الرسول -عليه السلام
ثلاث ضربات فتفتَّتَت . أما حديث « نار الحجاز » -و هو في الصحيحين – فقد أكد كثيرٌ من العلماء خروجها ، حيث قال
القرطبي: و قد خرجت نار بالحجاز بالمدينة الشريفة و كان بدؤها زلزلة عظيمة ليلة الأربعاء ثالث جمادى الأولى سنة
654هـ واستمرت إلى ضحى يوم الجمعة فسكنت وظهرت النار . و قال القرطبي : وقال لي بعض أصحابنا رأيتها صاعدة
في الهواء من نحو خمسة أيام وسمعت أنها رؤيت من مكة ومن جبال بصرى. بينما قال القسطلاني: إن ضوءها استولى
على ما بطن وظهر حتى كأن الحرم والمدينة قد أشرقت بهما الشمس، أما العماد بن كثير فقال: أخبرني قاضي القضاة
صدر الدين الحنفي عن والده الشيخ صفي الدين مدرس مدرسة بصرى أنه أخبره غير واحد من الأعراب صبيحة الليلة
التي ظهرت فيها هذه النار أنهم رأوا صفحات أعناق إبلهم على ضوء تلك النار .
وأشار الفايدي بأن القياس على ما أورده الشنقيطي بأن طول البركان لم يتجاوز (100) متر فهذا قصورٌ علمي واضح،
و نجد له عذراً لأنه غير متخصص في البراكين و الزلازل و طبقات الأرض ، و لكن لا نجد له عذراً في الجرأة على حديث
الرسول -عليه الصلاة والسلام- حيث إن البركان له أصول علمية قد لا يقل طوله عن ( 10 كيلومترات) و تمنع الطائرات
من الاقتراب منه أثناء الثوران والواقع يثبت ذلك، فما علاقة 100متر التي ذكرها الشنقيطي بالبركان أو الرؤية أو الشعاع
الصادر عن البركان .
المدينة المنورة – عبدالرحمن حمودة
http://www.alsharq.net.sa/2012/12/09/614950